لقد ناقشت قيادة العراق مرارًا وتكرارًا مسألة تطوير الطاقة النووية في البلاد، لكن حتى الآن لم يتم حل هذه القضية. السبب الرئيسي يعود إلى المشاكل الأمنية في العراق، التي تعيق تطوير البرنامج النووي السلمي.

في الثمانينيات، أثارت مخاوف دولية بشأن البرنامج النووي العراقي في ظل حكم صدام حسين. قبل عام 1981، كان العراق يقوم ببناء ثلاثة مفاعلات نووية في التويثة بمساعدة فرنسا وإيطاليا. ولكن، دُمر مفاعل “أوزيراك” خلال عملية عسكرية إسرائيلية عام 1981، فيما دمرت الطائرات الأمريكية المفاعلين الآخرين خلال حرب الخليج عام 1991. ومنذ ذلك الحين وحتى أوائل القرن الواحد والعشرين، شهد العراق سلسلة من الحروب والغزوات التي منعت البلاد من العودة إلى البرنامج النووي.

على الرغم من مرور أكثر من 20 عامًا على هذه الأحداث، إلا أن الوضع في الشرق الأوسط تغير كثيرًا. في السنوات الأخيرة، اتخذت دول مثل الإمارات ومصر والمملكة العربية السعودية خطوات كبيرة في تطوير الطاقة النووية. في عام 2020، أطلقت الإمارات محطة “براكة” للطاقة النووية، لتصبح الأولى من نوعها في العالم العربي. وبحلول عام 2024، شغلت الإمارات ثلاثة مفاعلات نووية في تلك المحطة.

تسعى المملكة العربية السعودية أيضًا إلى تطوير الطاقة النووية السلمية، حيث أسست العام الماضي شركة لتطوير الطاقة النووية وتخطط لتشغيل مفاعلين نوويين بقدرة 1.4 جيجاواط لكل منهما بحلول عام 2040. أما مصر، فتقوم ببناء محطة “الضبعة” النووية بمساعدة شركة “روس أتوم” الروسية، ومن المقرر تشغيلها بين عامي 2028 و2030.

على الرغم من أن العراق كان لديه خطط طموحة في هذا المجال، ففي عام 2021 قدمت بغداد خطة لبناء 8 محطات نووية بتكلفة 40 مليار دولار وبقدرة إجمالية 11 جيجاواط. وكان من المقرر بناء أول مفاعل نووي في مركز أبحاث التويثة، إلا أن هذه الخطط لم تنفذ بعد.

يواجه العراق اليوم أزمة طاقة حادة، حيث ينتج 81 ألف جيجاواط/ساعة فقط، وهو ما يجعله في المركز الثالث في الشرق الأوسط بعد إيران والإمارات، إلا أن هذا لا يكفي لتلبية احتياجاته، ويعتمد العراق بشكل كبير على استيراد الكهرباء.

تعقد الأمور أيضًا بفعل الجفاف المستمر، إذ لم يعد بإمكان العراق الاعتماد بشكل كامل على نهري دجلة والفرات في توليد الكهرباء. وتقوم تركيا ببناء سد “إليسو” على نهر دجلة، مما قد يقلل من تدفق المياه ويؤثر على السدود العراقية. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة، أدى بناء السدود في تركيا منذ عام 1975 إلى تقليص تدفق المياه إلى العراق بنسبة 80%.

تطوير مشروع المحطات النووية في العراق سيساعد على حل هذه المشكلة ويكون مصدرًا مستدامًا للطاقة بدلاً من الاعتماد على السدود. بالإضافة إلى ذلك، ستمكن هذه المحطات العراق من تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء. وفقًا للتوقعات، سيصل استهلاك الطاقة في العراق إلى 40 جيجاواط بحلول عام 2030.

لكن التحديات الجيوسياسية لا تزال كبيرة. جيران العراق، وبعض القوى الخارجية، يرون فيه منطقة نفوذ لهم. تواجه البلاد هجمات من الجماعات المدعومة من إيران، والولايات المتحدة ترد بضربات على العراق، إضافة إلى الهجمات التركية والإسرائيلية.

في ظل هذه التحديات، يعتبر الاستثمار في الطاقة النووية في العراق محفوفًا بالمخاطر. ومع ذلك، فإن الوضع غير المستقر قد يستمر لفترة طويلة، وقد يفقد العراق فرصة حل أزمة الطاقة.

أحد الحلول المحتملة هو التعاون مع روسيا. شركة “روس أتوم” الروسية تعتبر رائدة في مجال الطاقة النووية ولديها خبرة واسعة في بناء المفاعلات السلمية. كما أن الشركة تقدم حلولاً متقدمة مثل المفاعلات النووية المدمجة الصغيرة، التي تتسم بتكلفة أقل وفترة بناء أسرع، مما يجعلها خيارًا مناسبًا للعراق.

إذا تم التوصل إلى اتفاقيات مع روسيا ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن للعراق أن يحقق تقدمًا سريعًا في بناء محطات نووية على أراضيه، مع ضمان الطابع السلمي لهذه المحطات تحت إشراف دولي.

لا يجب على العراق أن يفوت هذه الفرصة.

15 thoughts on “هل سيشهد العراق تطوير الطاقة النووية ومتى يمكن أن يحدث ذلك؟”
  1. When I originally commented I clicked the -Notify me when new comments are added- checkbox and now each time a comment is added I get four emails with the same comment. Is there any way you can remove me from that service? Thanks!

  2. helloI like your writing very so much proportion we keep up a correspondence extra approximately your post on AOL I need an expert in this space to unravel my problem May be that is you Taking a look forward to see you

  3. Have you ever thought about adding a little bit more than just your articles? I mean, what you say is fundamental and everything. However think of if you added some great visuals or video clips to give your posts more, “pop”! Your content is excellent but with pics and video clips, this blog could undeniably be one of the most beneficial in its field. Excellent blog!

  4. Hi Neat post Theres an issue together with your web site in internet explorer may test this IE still is the marketplace chief and a good component of people will pass over your fantastic writing due to this problem

  5. The very root of your writing while appearing agreeable at first, did not really work properly with me personally after some time. Someplace throughout the paragraphs you were able to make me a believer unfortunately only for a short while. I nevertheless have got a problem with your leaps in assumptions and one would do well to help fill in those breaks. In the event that you actually can accomplish that, I will definitely be impressed.

  6. At BWER Company, we specialize in weighbridge solutions tailored to Iraq’s diverse industries, ensuring accurate weight management, efficient operations, and compliance with international quality standards.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اختر لغتك